responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 352
هَمَّ بِالسُّوءِ وَلَمْ يَعْمَلْ مِنْهُ بِشَيْءٍ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْهَا نَحْوَهُ، وَالْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْمُصَرِّحَةُ بِالنَّسْخِ تَدْفَعُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِنَّ كُتَّابِي لَمْ يَكْتُبُوا مِنْ أَعْمَالِكُمْ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا، فَأَمَّا مَا أَسْرَرْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ فَأَنَا أُحَاسِبُكُمْ بِهِ الْيَوْمَ، فَأَغْفِرُ لِمَنْ شِئْتَ، وَأُعَذِّبُ مَنْ شِئْتَ، وهو مدفوع بما تقدم.

[سورة البقرة (2) : الآيات 285 الى 286]
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لَا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لَا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)
قَوْلُهُ: بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَيْ: بِجَمِيعِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ. وَالْمُؤْمِنُونَ عَطْفٌ عَلَى الرَّسُولِ، وَقَوْلُهُ: كُلٌّ أَيْ مِنَ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ آمَنَ بِاللَّهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَالْمُؤْمِنُونَ مُبْتَدَأٌ.
وَقَوْلُهُ: كُلٌّ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ. وَقَوْلُهُ: آمَنَ بِاللَّهِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الثَّانِي، وَهُوَ وَخَبَرُهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: آمَنَ بِاللَّهِ مَعَ رُجُوعِهِ إِلَى كُلِّ الْمُؤْمِنِينَ، لِمَا أَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ إِيمَانِ كُلِّ فَرْدِ مِنْهُمْ، مَنْ غير الِاجْتِمَاعِ كَمَا اعْتَبَرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ [1] . قَالَ الزَّجَّاجُ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَرْضَ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَبَيَّنَ أَحْكَامَ الْحَجِّ، وَحُكْمَ الْحَيْضِ، وَالطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ، وَأَقَاصِيصَ الْأَنْبِيَاءِ، وَبَيَّنَ حُكْمَ الرِّبَا، ذَكَرَ تَعْظِيمَهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ثُمَّ ذَكَرَ تَصْدِيقَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ تَصْدِيقَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَقَالَ: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَيْ:
صَدَّقَ الرَّسُولُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَرَى ذِكْرُهَا، وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ، كُلُّهُمْ صَدَّقُوا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَقِيلَ سَبَبُ نُزُولِهَا: الْآيَةُ الَّتِي قَبْلَهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَمَلائِكَتِهِ أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِمْ عِبَادَهُ الْمُكْرَمِينَ، الْمُتَوَسِّطِينَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ فِي إِنْزَالِ كُتُبِهِ، وَقَوْلُهُ: وَكُتُبِهِ لِأَنَّهَا الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الشَّرَائِعِ الَّتِي تَعَبَّدَ بِهَا عِبَادُهُ. وَقَوْلُهُ: وَرُسُلِهِ لِأَنَّهُمُ الْمُبَلِّغُونَ لِعِبَادِهِ مَا نَزَلَ إِلَيْهِمْ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ عَامِرٍ: وَكُتُبِهِ، بِالْجَمْعِ. وَقَرَءُوا فِي التَّحْرِيمِ: وَكِتَابِهِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُنَا:
وَكِتَابِهِ، وَكَذَلِكَ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْكِتَابُ أَكْثَرُ مِنَ الْكُتُبِ. وَبَيَّنَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فَقَالَ: لِأَنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِالْوَاحِدِ الْجِنْسُ وَالْجِنْسِيَّةُ قَائِمَةٌ فِي وَحْدَانِ الْجِنْسِ كُلِّهَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا الْجَمْعُ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ إِلَّا مَا فِيهِ الْجِنْسِيَّةُ مِنَ الْجُمُوعِ. انْتَهَى. وَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ الْمَقَامِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى شَرْحِ التَّلْخِيصِ الْمُطَوَّلِ عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ «وَاسْتِغْرَاقُ الْمُفْرَدِ أَشْمَلُ» . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَرُسُلِهِ، بِضَمِّ السِّينِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: بِتَخْفِيفِ السِّينِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: «لَا نُفَرِّقُ» بِالنُّونِ. وَالْمَعْنَى: يَقُولُونَ: لَا نُفَرِّقُ. وقرأ سعيد ابن جُبَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَيَعْقُوبُ: «لَا يُفَرِّقُ» بِالْيَاءِ التحتية.

[1] النمل: 87.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 352
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست